MBZUAI
Mohamed Bin Zayed University of Artificial Intelligence
Main Image
19 يناير 2022 ∙ الأخبار

متطلبات الحوسبة الفائقة قد تعترض مسيرة تطور الذكاء الاصطناعي

متى تخرج معدلات استهلاك الطاقة عن الحد المقبول لدى السعي لتحقيق إنجازات مذهلة في مجال الذكاء الاصطناعي، بوسعها تغيير شكل حياتنا وبناء مستقبل أكثر صحة واستدامة؟

يتوقع الأستاذ المساعد في قسم تعلم الآلة بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي الدكتور مروان ديباه، للذكاء الاصطناعي أن يواجه تحدياً جديداً قد يعترض فرص تطوره. فالوصول إلى النقطة التي تتساوى فيها التكاليف مع الإيرادات عند تشغيل نماذج حوسبة "الإكسا سكيل" قد يكون مكلفاً للغاية ما لم يتم ابتكار خوارزميات أفضل وتطوير نماذج أكثر كفاءة.

ويقول الدكتور ديباه: "من وجهة نظري، نجحنا بتحقيق الكثير من الإنجازات في مجال الذكاء الاصطناعي، ورافقتها أيضاً جملة واسعة من التحديات، ولعل كمية الطاقة التي يتطلبها تطوير هذه البرمجيات سيشكل إحدى التحديات المستقبلية. وكما هو معلوم، تعد الطرق التقليدية من الأكثر فعالية للاستفادة من مخرجات الحوسبة، حيث ينجم عنها هامش كبير بين التكاليف والعوائد، لكن البرمجيات القائمة على الحوسبة الفائقة قد لا تبحث عن الخوارزميات الأكثر فاعلية. ولهذا، سيتوجب على الساعين لإحراز تقدم ملحوظ والحفاظ على موقع ريادي في هذا المجال، امتلاك المزيد من وحدات معالجة الرسومات (GPU). إلا أن المضي قدماً في هذا المسار غير المستدام سيشكل أعباء كبيرة على مدار السنوات العشر المقبلة. ويعني ذلك أن امتلاك وتشغيل هذه الوحدات الضرورية لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أفضل سيصاحبه استهلاك كميات هائلة من الموارد".

الحاجة إلى حوسبة قليلة استهلاك الطاقة

 

يقول ديباه أن المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي يسعون لإدراك المنافع التي يمكن لنماذج حوسبة "الإكسا سكيل" تحقيقها من منظور مستدام، ويجري ديباه حالياً بحثاً علمياً يهدف من خلاله على المقاربة بين المكاسب التي يمكن تحقيقها عبر هذه النماذج وسبل تحسينها، وبين  مقدار الطاقة الذي تستهلكه واستدامتها. ويركز البحث أيضاً على سبل تشييد هذه الحواسيب الفائقة لتكون أشبه بالدماغ البشري وتعمل بطريقة أكثر تطوراً.

وأضاف ديباه: "إن كمية الطاقة التي يتم ضخها اليوم لإنشاء نموذج ’إكسا سكيل‘ ليست مستدامة، الأمر الذي من شأنه أن يشكك بأهمية الذكاء الاصطناعي مستقبلاً. ولهذا، نحتاج اليوم إلى مزيد من الخوارزميات غير المتطلبة والقادرة على  الحفاظ على كمية الطاقة المستهلكة. وتعد التجارب والتدريبات التي نواصل إجرائها في هذه المرحلة من أحد المشاكل الرئيسية التي تعزز استهلاك الطاقة، فتطبيقات تعلم الآلة لها تأثير كبير على بصمتنا الكربونية. ولأننا قادرون حالياً على المضي قدماً في هذا المجال، من المرجح أن نواصل تحقيق هذه النجاحات بسهولة، لكن ذلك سيكون مستبعداً في المستقبل القريب، وسنكون بحاجة إلى البحث عن مزيد من الحلول الجديدة".

وأضاف: "فضلاً عن ميزة الذكاء، يتمتع البشر بكفاءة فائقة في استهلاك الطاقة. فالطاقة التي نستهلكها منخفضة جداً مقارنة بالمهام التي نقوم بها، ما يعني أننا بحاجة إلى إعادة هيكلة الخوارزميات التي نستخدمها تماشياً مع هذه الميزة".

"تاريخياً، وعند النظر إلى مرحلة بروز تطبيقات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، سندرك أن غالبية الخوارزميات التي نستخدمها اليوم تم اختراعها في الغالب في تسعينيات القرن العشرين. فالتقدم الذي تم إحرازه على المستوى الحسابي وفي تحسين الخوارزميات المستخدمة كان محدوداً، أما التقدم الأكبر فكان في تعزيز قوة الحوسبة والآلات التطبيقية، والذي يمكن أن يمضي قدماً بصورة أكثر سرعة. وفي حين يُجري بعض المختصون أبحاثاً حول الحوسبة العصبية أو حوسبة الدماغ، لكن التقدم المحرز في هذه المجالات بطيء جداً، أي أن امتلاك حواسيب أكثر قوة ما زال هو الحل السهل لإحداث ابتكارات مذهلة بهذا الخصوص".

تعد GPT-3 مثالاً بارزاً على نموذج "إكسا سكيل"، والتي أطلقتها "أوبن إيه آي" (Open AI)، مؤسسة أبحاث غير ربحية مخصصة للذكاء الاصطناعي يدعمها إيلون ماسك وزملاؤه. ويمثل GPT-3 النموذج الأقوى على الإطلاق في معالجة اللغة الطبيعية، ويتألف من 175 مليار مقياس (القيم التي تحاول الشبكة العصبية تحسينها أثناء عملية المعالجة). لكن الحجم عند معالجة مثل هذه النماذج اللغوية يعد مسألة بالغة الأهمية، على الأقل في الوقت الحالي. ويأمل ديباه أن يسهم تطوير أجهزة أفضل أو برامج أكثر تطوراً أو عبر مزيد من الابتكارات في حل مشكلة الاستهلاك المفرط للطاقة.

أيسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة؟

 

يرى الكثيرون أن الذكاء الاصطناعي يجسد حلاً مثالياً لتعزيز الاستدامة في بعض القطاعات، ولا ينكر ديباه قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على القيام بذلك.

وقال ديباه: "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تعزيز استدامة شبكاتنا، لكننا أولاً بحاجة لمراعاة الطاقة التي سنستخدمها في سبيل تعزيز استدامة هذه القطاعات. ففي الوقت الراهن، نشهد تزايداً مضطرداً في حجم الطاقة المطلوبة، وقد نصل قريباً إلى النقطة التي تتساوى فيها قيمة الموارد المطلوبة لإتمام العملية البرمجية مع قيمة العائد، ما يعني عدم قدرتنا على المضي قدماً في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق نتائج أكثر استدامة، لأن الذكاء الاصطناعي سيثبت حينها أنه حلٌ غير مستدام".

واختتم ديباه: "تواجه صناعة أشباه الموصلات نقصاً عالمياً نظراً للمشاكل في سلاسل التوريد، الأمر الذي قد يعيق مسيرة التقدم في تطوير برمجيات أكثر استدامة. وللأسف نواصل حتى اليوم الاعتماد على بنية الحوسبة التقليدية القائمة على تصميم فون نيومان، والذي تم تطويره قبل 50 عاماً. لكننا اليوم بحاجة لإيجاد سبل أكثر كفاءة وفاعلية في ظل التقارب لبن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة".

شارك

Twitter LinkedIn Facebook